
وسط واقع اقتصادي يزداد صعوبة، كشفت معطيات حديثة صادرة عن المندوبية السامية للتخطيط عن ارتفاع جديد في كلفة المعيشة بالمغرب خلال شهر يونيو 2025، في وقت تُكافح فيه الكثير من الأسر لتغطية نفقاتها الأساسية.
فرغم أن الزيادة المسجلة في الرقم الاستدلالي للأثمان عند الاستهلاك تبدو “طفيفة” على الورق، إلا أن وقعها على الحياة اليومية للناس ثقيل ومقلق. فقد سُجل ارتفاع بنسبة 0.8% في أسعار المواد الغذائية، وهو ما قد يبدو رقمًا بسيطًا، لكن بالنسبة للأسرة محدودة الدخل، فكل زيادة تُترجم إلى تنازل عن وجبة، أو تأجيل لشراء ضروري.
شملت هذه الزيادة أيضًا المشروبات غير الكحولية، بينما ارتفعت أسعار المشروبات الكحولية والتبغ بنسبة 3.4%. أما المواد غير الغذائية، فرغم أن زيادتها لم تتجاوز 0.1%، إلا أن الملابس، الأحذية، وتكاليف السكن والكهرباء شهدت بدورها زيادات واضحة تراوحت بين 0.4% و0.7%.
وفي تفاصيل هذه المؤشرات، يتضح أن قطاعات أساسية تلامس الحياة اليومية للمغاربة لا تزال تسجل زيادات مستمرة، بما في ذلك خدمات الصحة والأثاث والصيانة المنزلية. وكلها مصاريف لا يمكن تجنبها، مما يضع الأسر بين نار الحاجة اليومية وجدار القدرة الشرائية المحدودة.
ورغم تسجيل انخفاض ملحوظ في قطاع النقل بنسبة 3.4%، إلا أن هذا التراجع يظل غير كافٍ لموازنة الكفة، خاصة مع ارتفاع أسعار المطاعم والفنادق بنسبة 3.8%، وهي نسبة ترتفع أكثر خلال موسم العطل والتنقلات الصيفية. كما أن قطاع التعليم، الذي يُفترض أن يكون في متناول الجميع، سجل زيادة مؤلمة بنسبة 2.3%، مما يضع مستقبل الأبناء أمام معادلة مكلفة.
في ظل هذه الأرقام، تتردد على ألسنة المغاربة تساؤلات مشروعة:
أين هي الإجراءات الحكومية التي وُعد بها لتحسين المعيشة؟ من يحمي القدرة الشرائية للأسر الضعيفة؟ ومتى تتوقف سلسلة الارتفاعات التي لا تنتهي؟
الواقع يُظهر أن العديد من المواطنين باتوا يلجأون إلى حلول استثنائية: تقليص الاستهلاك، تأجيل النفقات، وحتى الاقتراض لتأمين ضروريات الحياة. وبينما تتراكم الأرقام في التقارير الرسمية، تتراكم الهموم في بيوت المغاربة، حيث لا تُقرأ الأرقام بنسب مئوية، بل تُحسب بلقمة خبز، وسعر كهرباء، وقسط مدرسة.
