
المولد النبوي بين البدعة والاتباع المشروع لسنة النبي ﷺ
المقدمة
المولد النبوي هو ذكرى يوم مولد النبي محمد ﷺ، ويوافق الثاني عشر من ربيع الأول بحسب أشهر الروايات التاريخية. ينتشر الاحتفال بهذه المناسبة في عدد من البلدان الإسلامية، حيث تُقام التجمعات، وتلقى الخطب، وتُوزع الأطعمة. إلا أن هذا الاحتفال محل خلاف بين العلماء؛ إذ يرى فريق من أهل العلم أن تخصيص يوم للمولد بدعة محدثة لم يفعلها النبي ﷺ ولا الصحابة الكرام، وأن التعبير الصحيح عن محبة الرسول يكون باتباع سنته والاقتداء به في جميع شؤون الحياة.
حكم الاحتفال بالمولد النبوي عند العلماء
1. تعريف البدعة في الإسلام
البدعة هي كل ما أُحدث في الدين مما ليس له أصل في الكتاب والسنة، سواء في الاعتقاد أو العبادة. قال النبي ﷺ:
“من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد” (رواه البخاري ومسلم).
2. أقوال العلماء في المولد النبوي
- الإمام الشاطبي في الاعتصام عدَّ المولد من البدع المحدثة.
- ابن تيمية قال: “اتخاذ موسم غير المواسم الشرعية، كالموالد، بدعة لم يفعلها السلف”.
- ابن الحاج المالكي في المدخل أنكر المولد وعده بدعة، حتى لو خلا من المنكرات الظاهرة.
3. سبب اعتبار المولد بدعة
- لم يثبت أن النبي ﷺ أو الخلفاء الراشدين أو الصحابة أو التابعين احتفلوا بالمولد.
- تخصيص يوم للعبادة أو الاحتفال يحتاج إلى دليل شرعي، ولا يجوز الإحداث في الدين بلا نص.
- كثير من الموالد يصاحبها مخالفات شرعية كالغلو والمدائح المبالغ فيها والاختلاط.
كيف نُعبر عن محبة النبي ﷺ بطريقة شرعية؟
1. اتباع سنته في العبادة والأخلاق
المحبة الحقيقية للنبي ﷺ تتحقق باتباع أوامره واجتناب نواهيه، كما قال الله تعالى:
“قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله” (آل عمران: 31).
2. نشر دعوته وتعليم سنته
- دراسة السيرة النبوية لاستخلاص العبر.
- تعليم الأهل والأبناء هديه في العبادات والمعاملات.
3. الإكثار من الصلاة عليه ﷺ
قال ﷺ:
“من صلى عليّ واحدة صلى الله عليه بها عشرًا” (رواه مسلم).
الفرق بين البدعة الحسنة والعادة المباحة
يخلط بعض الناس بين البدع الدينية الممنوعة والعادات المباحة. فالبدعة تتعلق بالشعائر والعبادات المحدثة، أما العادات الدنيوية كإحياء التراث أو تنظيم ندوات علمية فهي مباحة ما لم تتضمن مخالفات شرعية.
خاتمة
الاحتفال بالمولد النبوي لم يثبت عن النبي ﷺ ولا عن أصحابه، وهو بدعة بحسب قول جمهور العلماء، حتى لو كانت النية فيه محبة النبي. والاحتفال المشروع هو أن نحيي سنته كل يوم في صلاتنا، وصدقنا، وأمانتنا، وأخلاقنا، وفي كل جانب من جوانب حياتنا. فالاقتداء به ﷺ هو أعظم وسيلة للتعبير عن الحب والولاء.

 
		 
									 
									 
									 
									 
									